الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه.
وبعد
فمع اتساع دوائر العلوم وكثرتها أصبح للتخصص قيمة كبيرة، وأهمية بالغة، فعمر الإنسان قصير لا يتسع للإحاطة بكل الإنتاج العلمي والمعرفي المتراكم عبر الزمن، لهذا كان التخصص مطلوبًا لتوخي الدقة، فنشأت المعاهد والكليات العلمية بأقسامها المتنوعة؛ لتغطي التخصصات التي يُحتاج إليها.
وقد كان من تطلعات الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم إنشاء مركز تابع لها متخصص في دعم طلبة الدراسات العليا وغيرهم ممن يُرتأى دعمهم وتوجيههم نحو تقديم البحوث المتخصصة في علوم الفتوى والإفتاء؛ بُغية تنشيط البحث العلمي في هذا المجال، ورؤية المركز في ذلك أن يكون البحث في علوم الإفتاء من التخصصات المستقلة أكاديميًّا.
وإنه لمن دواعي السرور أن يأتي اليوم الذي نجني فيه ثمار غرس هذا المركز، فمن ثماره التي أصبحت دانية للمشتغلين بالبحث الشرعي عامة والإفتائي خاصة، هذه النشرة المتخصصة في شئون البحث الإفتائي، وقد أصبحت الحاجة ماسة إليها وإلى أخواتها من الوسائل التي تعين الباحثين، وتوجه أنظارهم إلى ما تحتاجه العملية الإفتائية من بحوث ودراسات، وتستحث أقلامهم لتقديم العون والمدد للقائمين بالإفتاء على ظهر البسيطة.
وفي الوقت ذاته تُعَد هذه النشرة مُعينًا للباحثين، ومصباحًا ينير لهم جانبًا من طريق البحث العلمي الطويل، فقد اشتملت النشرة على ما ييسر للباحثين سبل البحث، فتناولت:
المعاهد والجامعات التي يمكن للباحث أن يؤمها للحصول على إحدى الدرجات العلمية في الإفتاء وعلومه.
"ببليوجرافيا" بأهم المراجع والمصادر الإفتائية التي يحتاج إليها الباحث في الدراسات الإفتائية.
وشملت النشرة أيضًا بيان مناهج الفتوى لدى المؤسسات الإفتائية المنتشرة في أرجاء المعمورة.
وتناولت حالة الإفتاء في العالم.
وقامت النشرة بعرض الدراسات الإفتائية؛ لتُطْلِع الباحث على ما تم إنتاجه من دراسات سابقة، قد تكون ملهمة أو معينة له على بدء دراسة أخرى.
وعُنيت النشرة بقواعد ومهارات البحث الإفتائي.
إلى أن تصل بنا النشرة إلى بيت القصيد وهو عرض أطروحة لباحث، حيث تذكر: فكرة الأطروحة وهدفها، وخطة الأطروحة باختصار، والمصادر الأولية التي تعين الباحث في القيام ببحثه.
إن من الصعوبة بمكان أن يهتدى الباحث إلى عنوان جدير بالبحث، فكثير من الباحثين يظل الأمد الطويل باحثًا عن أطروحة للدرجة العلمية التي يرغب في الحصول عليها، وقد لا يصل إليها إلا بشق الأنفس، فكانت هذه النشرة؛ لتأخذ بيده إلى بغيته التي يطلبها، اختصارًا للطريق، وادخارًا للوقت والجهد، لينفقهما في إتمام رسالته.
إن البحوث العلمية بصفة عامة، والإفتائية بصفة خاصة، بحاجة إلى الدعم المادي والمعنوي، إذا أريد لأمتنا أن تتبوأ مكانتها بين الأمم، ولعل هذه النشرة أن تكون خطوة جادة في طريق دعم البحث الإفتائي.
وفي الختام نسأل الله تعالى أن ينفع بهذه النشرة طلاب العلم والمشتغلين بالفتوى والإفتاء، وأن يبارك فيها كما بارك في أمثالها، إنه ولي ذلك والقادر عليه.